المخرج مهند حيال: حولنا ساحة التحرير في بغداد... ميدانا سينمائيا

الإهداءات
  • غزل من من قلب الغزل ..:
    ضياءٌ شعَّ من أرض المدينة و زُفَّت البشرى لرسول الله (ص) بولادة سبطه الأول الإمام المجتبى (ع).✨💚
  • غزل من قلب الغزل:
    "يارب دائمًا اعطنّي على قد نيتي وسخر لي الأشخاص اللي يشبهون قلبي🌿✨. .
  • غزل من قلب الغزل:
    مارس الرحمة قدر المُستطاع فكلما تلطفت مع خلق الله زاد الله لطفهُ حولك.💐
  • غزل من قلب الغزل:
    اللهم إنك عفوٌ كريمٌ تحب العفو فاعفو عنا ♥️😌
136231-203326704.jpg


مهند حيال مخرج عراقي فاز في الدورة الـ 41 من مهرجان القاهرة السينمائي بجائزتين (أفضل فيلم في مسابقة آفاق السينما العربية وأفضل ممثّل) عن فيلمه الروائي الطويل الأول "شارع حيفا" الذي كان حاز أيضاً جائزة مرموقة في مهرجان بوسان (كوريا الجنوبية). يحاكي الفيلم يوميات العنف الطائفي في بغداد العام 2006، ملتقطاً لحظة الصراع المسلّح بين الطوائف، ممثلةً بعصابات تحكم الشارع وتسيطر عليه، في غياب تام للشرعية. الفيلم عن لحظة المواجهة المسلّحة تلك من خلال شخصية القنّاص الذي يضطلع بدوره علي تامر. عن النيّات السياسية والجمالية لعمل يشي بولادة فنّان مهموم بما حل بوطنه، كانت هذه المقابلة مع مهند حيال المتحمّس جداً لما يجري حالياً في العراق.

*هذا أول فيلم روائي طويل لكَ. في أي إطار إنتاجيّ قدّمته؟
-أحياناً، تبدو الأشياء كأنّها ضرب من المستحيل، كأن تصنع فيلماً في العراق. الدولة ليست سبباً للتعطيل، ففي بغداد تُصنع الأفلام من دون رقابة. توقَّف الإنتاج السينمائي من العام 1990 حتى 2003، وبعد تلك المرحلة، أصبحت كلّ المبادرات فرديّة. نظام الدولة متخلّف ، وإن كان ثمة من إنتاج، فإنّ السينما في آخر الأولويات. العراق مؤسَّسٌ أدبياً بشكل جيّد جداً، لكنّه هشّ سينمائياً. المسؤولية أيضاً يتحمّلها سينمائيون، لا الدولة فحسب. تسعون في المئة من السينما العراقية كانت سينما دعائية للسلطة. بعد 2003 تحرّك المشهد، لكنّنا انتقلنا من مرحلة البروباغندا للسلطة إلى البروباغندا للضحايا. لم تخرج أفلام تحاكي أسس المجتمع وبنيته المهشمة، وتجسد هذا العنف الهائل. الظروف بالغة الصعوبة. أنا مثلاً، صوّرت الفيلم مع أصدقائي. تخيل أن مدير التصوير شاب عمره 19 سنة فقط. ممثلون أمام كاميرا للمرة الأولى. هؤلاء اليافعون هم صناع ثورة اليوم. أجهزتنا بسيطة والإنتاج متواضع. وحين هممت إلى طلب مساعدات مالية، لم يثق أحد بإمكان تصوير فيلم في العراق. لهذا تطلب التصوير نحواً من 5 سنوات. في الحقيقة، إن 25 دقيقة من الفيلم لم نستطع تصويرها.

*ما خطورة تصوير فيلم عن الطائفية والعنف والكراهية في بلد مثل العراق؟

136236-1031844250.jpg

شخصية القناص في الفيلم (اندبندنت عربية)

-السلطة لا تمارس الرقابة كما أخبرتك. هذا ما يقتضيه الدستور. في النهاية، يجب أن نتجرّأ. المجتمع البغدادي منذ 2006 غارق في طقوس الجثث. خمس مفخخات يومياً و50 جثة مجهولة الهوية. بلغ الاستهتار حدّ تكليف شركة لانتشال الموتى عن الطرق. تواطؤ رهيب بين السلطة الحاكمة وسلطة الاحتلال آنذاك. كان الأفغاني زلماي خليل زاد، من منصبه سفيراً لأميركا، يقرأ المشهد على أنّه "توازن رعب". قالها هكذا، بصريح العبارة. الناس يموتون بطريقة بشعة. في العراق، يتحكّم ممثلو الطوائف بالأعناق. أكثر من 20 قومية في هذا البلد، والعائلات تتداخل. السياسيون حين يتطلّعون إلى العراق في كونه شيعياً أو سنّياً أو مسيحياً أو إيزيدياً أو كردياً أو صابئاً، فهم بذلك يقتلون الهوية الوطنية ويتّجهون في اتجاه الهوية الفرعية القائمة على الصراع مع الآخر. ثم إنّ السينما العراقية خجولة، على عكس الأدب والرواية والشعر والمسرح. كلّها تتناول القضايا بجسارة. المسرح العراقي يتمتّع بهامش حرية، على عكس السينما. كانت لحظة قرار صعبة وجريئة أن أنجز فيلماً وسط هذه الاستحالات. لم أُخضعه للخطوط الحمر الجاهزة في الأفلام العراقية، وتصوّري أنّ الجيل الجديد في السينما العراقية بعد 2010 ذاهب في هذا الاتجاه. سينما محايدة لكن قاسية.

*الشخصية الرئيسية في الفيلم قنّاص، ما الذي أغواك فيها؟
-أبطال الحرب الأهلية الطائفية في "شارع حيفا" قنّاصون. سكن هذا الشارع أساتذة جامعات ومهندسون وأطباء. وأيضاً أستاذتنا في كلية الفنون الجميلة. أي الطبقة الوسطى البغدادية. فجأة، تحوّل واحداً من أخطر شوارع الحرب الأهلية، وسط انتشار مخيف للقنّاصين على السطوح. بعضهم عمل لمصلحة النظام البعثيّ في سوريا، وهذا معلن. وقنّاصون آخرون مع "القاعدة". الفيلم يمكث وسط ضجيج من القنّاصين، على الرغم من ذلك، هو ليس فيلماً عن القتل. إنّه عن الضغط النفسي. أردت وضع الناس تحت الضغط. القصة ليست مهمّة، ولا التفاصيل. المهم زج الناس داخل الحدث، فيشعرون بالضغط، وبأنهم أشبه بجسر بين مشهد ومشهد. الشاب علي تامر أدّى دور القنّاص. هو أحد شبابنا الممثلين، وقد كان مساعد مخرج. بعد الكاستينغ، وجدنا أنّه الممثل المناسب. هو من منطقة سكنتها الميليشيات، فاطّلع على نماذجها، واستطاع تعرية القنّاص وجعله من دون هوية. برأي، هذا نجاح لي.

*يبدو الفيلم كأنه "ورطة" إلى درجة كبيرة بالنسبة إلى من هم مقربون منك، كأن صناعه يختزلون السينما العراقية.
-إنّهم الجيل الجديد من السينما العراقية. حين تهمّ لصناعة فيلم، بصرف النظر عن النظرة التقويمية حياله، تتطلّب جرأة الطرح المغاير أناساً تقاتل معهم. يؤمنون بك. فاخترت أصدقائي. هالة المنتجة من أقرب الناس إليّ. هي صديقتي في الكتابة. علي رحيم المنتج والمونتير أيضاً من الأقرب إليّ. كذلك أسعد عبد المجيد ويمنى مروان. إننا عائلة. جميل هذا الجدل الثقافيّ بيننا، المولود مع كلّ لقطة. استطعنا إيجاد سيستم جديد، فصنعنا الفيلم بالحوار. نعلم أنّ اعتمادنا الطريقة الاحترافية في السينما غير ممكن، فنحن نفتقد هذه الأدوات. تذكّر عُمر المصوّر 19 سنة…

136241-1844949822.jpg


لقطة من الفيلم العراقي (اندبندنت عربية)


*في الفيلم عنف هائل. مقاربتك للعراق قاسية، شديدة العنف. هل هذه رؤيتك لمشهدية الوضع السابق والحالي؟
-حكمت العراق سلطة مخيفة هي السلطة البعثية، والان سلطة أخرى هي السلطة الدينية. حرب وحصار، ثم حروب طائفية شرسة، فمن دول الجوار والدول الكبرى. ماذا تنتظر من الفرد العراقي؟ سيكون حتماً عنيفاً. هذا العنف مشهدية مشتركة في البلدان العربية جميعها. نحن حين نتكلّم، نتكلّم بصوت عال. مغمّسون بالعنف. راقب عيون الناس حين تسير في الشارع العربي، وستشعر بالشرر يتطاير. الناس مدمَّرة تماماً. بنية هذه المجتمعات منخورة. إذا لم تتجرأ السينما على الحديث عن هذه الأشياء بجرأة وصراحة وقساوة، فما مَهمّتها؟ في النهاية، لست مع سينما المجاملة. أحب ميشائيل هانيكه ونوري بيلغي جيلان.

*هل من أمل وخلاص بالانتفاضة المستعرة اليوم في العراق؟
-بالتأكيد! انتفاضة تشرين أسقطت كلّ الأيديولوجية والنظريات التي مورست بعد 2003 وسببها الغباء الأميركي أو الإيراني. كلاهما لم يعرف كيفية التصرّف. لم يتّعظ من صدام ومن قبله. العراق بلد من عشرين قومية وأكثر من لغة، وثقافة عظيمة عمرها يزيد على سبعة آلاف سنة. حين تعامله بمنتهى السطحية، وتصنّف أفراده انطلاقاً من كونهم سنّة وشيعة وسواهما، فستجني هذه الثمار. شباب الانتفاضة اليوم يرفعون شعار الوطن الحقيقي. يسمونهم في بغداد "الزعاطيط" (صغار السنّ)، أو سوّاقي التكتك. لافتة رائعة مرفوعة في التظاهرات كتب عليها "سوف يكتب التاريخ أنّ الدبابة الأميركية جاءت بكم، فأخرجكم سوّاق التكتك". هذا الجيل أسقط الانتماءات الطائفية. 800 شهيد حتى اللحظة. 800 شاب. هذه ديموقراطية؟ هذه فضيحة دم. 17 ألف جريح. تخيّل مقدار العنف الذي يُمارَس. بغداد بكاملها اليوم تعلن عصياناً مدنياً. من قلب الانتفاضة، نعرض أفلاماً. حوّلنا ساحة التحرير مسرحاً وسينما. ونحضّر أيضاً لحفلات ميلادية. باقون، باقون!
 
بالفعل هذا الفلم الروائي كان له صدى واسع الفترة الفاتت
شكرا جزيلا على مشاركة الخبر والتفاصيل
تحيتي
 

أقسام الرافدين

عودة
أعلى أسفل