وصل الموضوع إلى جمال عبد الناصر شخصيا، الذي ألغى هذا القرار، ويذكر أن الذي أوصل إليه الموضوع هو مصطفى أمين في سبتمبر 1952 وعلى إثر نزاع على منصب النقيب يتم إلغاء انتخابات النقابة، ويتم تعيين محمد عبد الوهاب نقيبا للموسيقيين. على إثر هذا الموقف وما تردد عن مساندة بعض الضباط الأحرار لعبد الوهاب؛ تُبَلِغ أم كلثوم قرار اعتزالها إلى الصاغ أحمد شفيق الأبو عوف.
الذي نقله إلى مجلس قيادة الثورة، فذهب إليها وفد مكون من جمال عبد الناصر وعبد الحكيم عامر وصلاح سالم لإقناعها بالعدول عن رأيها، لقد أثرت هذه اللحظة فيها كثيرا جدا كما ظهر فيما بعد من أغانٍ لها ومواقف، وحملت إعجابا جارفا بعبد النـاصر وبمواقفه ككل الشعب آنذاك، ويتجلى ذلك في أغنية مثل (بعد الصبر ما طال نهض الشرق وقال، حققنا الآمال برياستك يا جمال) أو (يا جمال يا مثال الوطنية..أجمل أعيادنا المصرية برياستك للجمهورية)
تم تدارك كل ما حدث سابقا في حق أم كلثوم بعد أن هدأت الأمور.. والثابت أن الثورة -بعد ذلك- أعطتها دافعا معنويا قويا، حتى أنها رأست اللجنة التي أشرفت على اختيار السلام الوطني الجديد للجمهورية، حيث أيدت أم كلثوم النشيد الوطني الذي أعده عبد الوهاب إلا أن الدكتور حسين فوزي أثبت أن النشيد منقول من اسطوانة للموسيقار التشيكي بيللا برنوك بعد ادخال عدة تعديلات عليه.
في 19 ديسمبر 1952 تم تكوين اللجنة الموسيقية العليا التي كانت من أعضائها وبجانبها (السنباطي) وعبد الوهاب. وفي عام 1953 تنتخب كعضو شرفي في جمعية مارك توين العالمية نفس الجمعية التي من أعضائها الشرفيين دوايت ايزنهاور وونستون تشرشل وثيودور روزفلت. وفي نفس العام.. تحديدا 8 يوليو يتوفي أخوها خالد، الشيخ خالد الذي كان من المفترض أن يكون صييت الأسرة.
مرض
عام 1954 خفضت أم كلثوم جدول حفلاتها الموسيقية بسبب المشاكل الصحية التي تعاني منها. ويُذكر أن النظارة السوداء التي كانت ترتديها بشكل مستمر كانت بسبب مرض الغدة الدرقية الذي أدى إلى جحوظ عينيها، حيثُ كان هذا سبباً أيضاً لإيقافها لنشاطها التمثيلي الذي اقتصر على 6 أفلام.
زواجها
عام 1954 تزوجت أم كلثوم من د. حسن السيد الحفناوي واستمر الزواج حتى وفاتها.
واقعة فريدة
في 29 أكتوبر عام 1956 غنت أم كلثوم نشيد صلاح جاهين (والله زمان ياسلاحي) الذي أصبح نشيدا قوميا. ذلك النشيد الذي أتى به لها كمال الطويل ذات ليلة حدثت فيها غارة وحفظت النشيد على ضوء الشموع.. وحين قررت أن تسجله في محطة الإذاعة بشارع الشريفين يعترض أغلب الموسيقين خوفا من إعلان إسرائيل أنها ستضرب محطة الإذاعة فقررت أم كلثوم أن تسجل النشيد.
مسلسل رابعة العدوية
في تلك الفترة – الخمسينات- تغني (مصر التي في خاطري) و(أنشودة الجلاء) و(هسيبك للزمن) وتشارك في مسلسل اذاعي هو مسلسل رابعة العدوية حيث تشترك بتقديم الأغاني في المسلسل، أغانٍ مثل: (على عيني بكت عيني)، (لغيرك ما مددت يدا)، (يا صحبة الراح)، (حانت الأقدار)، (الرضا والنور)، (عرفت الهوى مذ عرفت هواك).. تلك الأغاني التي تم استعمالها في الفيلم الشهير (رابعة العدوية) التي قامت ببطولته هي ثم اعيد الفلم مرة أخرى لكن قام بدور البطولة نبيلة عبيد.
وعلى سبيل التوثيق نثبت ما قالته مجلة نيوز ويك عام 1956: ان صوت أم كلثوم هو الصوت المفضل المحبوب في جميع أنحاء الشرق الأوسط بًا لإضافة إلى أن المجلة وصفتها بـ(ملكة بلاد العرب).
الستينيات
في الستينات تعيش أم كلثوم أزهى عصورها الفنية على الإطلاق، الحقيقة أن الخمسينات لم تنتهِ إلا بواقعة غريبة وهي أن كلب أم كلثوم عض أحد المارة وبرأتها النيابة. فيما بعد كتب شاعر العامية أحمد فؤاد نجم قصيدة (كلب الست) الشهيرة. لم تمر هذه الواقعة بدون ضجيج حيث اعترض أساتذة جامعة الحقوق على قرار النيابة واعتبرته محاباة لأم كلثوم بل إن الأمر سيصل إلى صفحات الأهرام الجريدة الرسمية الأولى.
أم كلثوم وبليغ حمدي
تنهي أم كلثوم عام 1959 بأغنيتها الرقيقة (هجرتك) من كلمات أحمد رامي وألحان العبقري رياض السنباطي.. وتفتح موسم الستينات بأغنيتها الشهيرة (أنت فين والحب فين). ولهذه الأغنية قصة معروفة وهي أنه في أحد اللقاءات بين أم كلثوم ومحمد فوزي صاحب شركة مصر فون قبل التأميم، عرض عليها أن يسمعها لحنا لملحن شاب يعجبه كثيرا، كان هذا الشاب هو بليغ حمدي، يسمعها بليغ حمدي اللحن، كان الهدف فقط أن تسمع لحنه الذي كانت ستغنيه إحدى المطربات إلا أنها تطلب منه أن يعيد اللحن مرة أخرى وأخرى حتى تعرض عليه أن تغني الأغنية!. منذ هذا التاريخ يلحن لها بليغ أغنية واحدة على الأقل سنويا.
تنهي عام 1961 بأغنية (هوا صحيح الهوى غلاب)، يموت بيرم صاحب الأغنية قبل الحفلة التي تغني فيها هذه القصيدة ويموت بعده بشهر واحد زكريا أحمد ملحن الأغنية وصديق بيرم الوفي في 14 فبراير بعد أن انتهت مشاكله مع أم كلثوم بشكل ودي. من المؤكد ان الستينات كانت نقطة تحول في حياة أم كلثوم وبرغم أن أشهر أغانيها قد غنت في تلك الفترة إلا أن هناك الكثيرون يرون أنها كانت من أقل فتراتها الفنية باستثناء بعض الأغاني المعدودة.
لو أردنا الإنصاف فإن أم كلثوم في هذه الفترة وحتى وفاتها أصحبت أيقونة مقدسة في حياة المصريين. كتب جودون جسكيل في مجلة لايف: إن تغييرا يشمل حياة الناس في الشرق الأوسط على اختلاف طبقاتهم وأعمارهم وعقائدهم مرة في كل شهر ودائما في العاشرة مساء فالمرور يكاد يتوقف في القاهرة وفي مقاهي الدار البيضاء تختفي الطاولة وفي بغداد يترك الأغنياء تجارتهم والمثقفين كتبهم وتفرغ الشوارع من المارة وكلهم آذان تتركز على إذاعة القاهرة في انتظار أم كلثوم.
في عام 1960 تحصل على وسام الاستحقاق من الدرجة الأولي. يتفتتح التليفزيون كما افتتحت الإذاعة كذلك قبل 26 عاما. في عام 1962 تغني أغنية أنساك التي لحن زكريا أحمد مذهبها قبل أن يموت وتسند بقية اللحن إلى بليغ حمدي، هذه الأغنية من كلمات مأمون الشناوي.. الحقيقة أن مأمون الشناوي حاول التعاون معها أكثر من مرة كان أولها أغنية الربيع التي ذهبت إلى فريد الأطرش، كانت المشكلة بينهما تمسك مأمون الشناوي بكلماته وتمسك أم كلثوم بتغيير الكلمات، في هذه المرة يرضخ مأمون لطلباتها كلها معلنا فوز أم كلثوم.
في عام 1962 تأهب مستشفى البحرية الأمريكية لاستقبال أم كلثوم للفحص الدوري (تقديرا من الحكومة الأمريكية لمكانة أم كلثوم في العالم العربي)
1964[عدل]
في هذا العام تغني أم كلثوم واحدة من أشهر أغانيها على الإطلاق، الأغنية التي كانت نتاج تعاون تأخر 40 عاما كاملة أغنية (إنت عمري)، هذه الأغنية التي تحتاج إلى تدخل عبد الناصر شخصيا لتخرج إلى النور، أغنيتها مع الموسيقار المايسترو محمد عبد الوهاب.
بعد النكسة
أم كلثوم والشيخ زايد بن سلطان آل نهيان
أستقبلت أم كلثوم خبر نكسة يونيو وهزيمة الجيش المصري بكل حزن وأسى مثلها مثل كل المصريين وقتها إلا أنها سارعت وكانت من أوائل المطربين الذين أقاموا الكثير من الحفلات داخل مصر وخارجها للتبرع بأرباحها إلى المجهود الحربي وتغني أغنيتها الشهيرة (أصبح عندي الآن بندقية) وغنت أيضا أغنية (حبيب الشعب) لعبد الناصر بعد تنحيه وعودته ثانيا
الغناء بفرنسا
في ليلتي الإثنين 13 والأربعاء 15 نوفمبر 1967 غنت أم كلثوم على مسرح الأولمبيا أشهر المسارح على الإطلاق وكانت الحفلتان الوحيدتان التي تحييها الست خارج العالم العربي وإحدى أهم الحفلات التي تقام على مسرح الأولمبيا لتبقى محفورةً في أذهان كل من حضرها على مر السنين حيث يقول جان ميشال بوريس أحد مديري الأولمبيا في تلك الفترة أن 3 مغنين حفروا أسماءهم في ذاكرة الأولمبيا : أم كلثوم؛ أديت بياف وجاك برال
ومما غنت أم كلثوم في تلك الحفلتين (الأطلال)، والطريف أنها سقطت من على خشبة المسرح وهي تقول هذا البيت: (هل رأى الحب سكارى مثلنا كم بنينا من خيال حولنا) عندما صعد شخص من الجمهور على المسرح وأصر على تقبيل قدميها
وفاة عبد الناصر
تنتهي فترة الستينات بوفاة جمال عبد الناصر في 28 سبتمر 1970 وكانت وقتها تغني في أحد الحفلات بروسيا فعادت إلى مصر وغنت (رسالة إلى الزعيم) من تأليف نزار قباني وألحان رياض السنباطي عام 1970 ترثي بها عبد الناصر بعد وفاته.
السبعينات
بعد وفاة جمال عبد الناصر وتولي محمد أنور السادات لحكم مصر ظلت أم كلثوم في قدرها كمطربة أولى وصديقة مقربة للسادات.
جوائز وتكريمات
المعاناة ووفاتها
موكب جنازة أم كلثوم في عام 1975م، القاهرة، مصر.
خبر في صحيفة الأهرام المصرية عن وفاة أم كلثوم.
لم تتمكن من غناء أغنية أوقاتي بتحلو معاك و حياتي بتكمل برضاك، فأثناء البروفات للأغنية وقعت صريعة لمرض التهاب الكلى. سافرت إلى لندن لتلقي لعلاج وكانت قبل سفرها قد طلبت من الشاعر صالح جودت أن يكتب أغنية بمناسبة نصر أكتوبر وبعد عودتها طلبت من الملحن رياض السنباطي تلحينها حتى تغنيها في عيد النصر لكنها توفيت قبل تأديتها.
بدأت صحتها تسوء في عام 1971م، فانقطعت عن تقديم الحفلات، وكانت أغنية ليلة حب آخر ما غنّته وذلك في 17 نوفمبر 1972م[3]، في 21 يناير 1975م كانت ستموت بسبب عدة مشاكل بكليتيها، وبالرغم من السنوات العديدة من تلقي العلاج، رفضت الإقامة في المستشفى لتلقي العلاج حيث كانت تقول: لو ذهبت للمستشفى، فسوف أموت هناك. في 22 يناير 1975م تصدرتْ أخبار مرض أم كلثوم الصحف وكانت الإذاعة تستهل نشراتها بأخبار مرض أم كلثوم وعرض الناس التبرع بالدم لأم كلثوم. توفيت يوم الأثنين 3 فبراير 1975م عند الرابعة مساءاً بسبب قصور القلب[2] عن عمر يناهز 76 عاماً في القاهرة.[3] تم تشيع جنازتها في مسجد عمر مكرم الواقع بوسط القاهرة[2]، فكانت جنازةً مهيبة، وتعد من أكبر الجنازات في العالم إذ يُقدرعدد المشيعين بين 2 إلى 4 مليون شخص.[2][13] أعلنت إذاعات الشرق الأوسط والبرنامج العام وصوت العرب عن وفاتها. ظهر يوسف السباعي في تمام السادسة مساءاً ليلقي النبأ، بينما وقف المهندس سيد مرعي رئيس مجلس الشعب دقيقة حداداً. أرسل الأمير عبد الله الفيصل هدية عبارة عن عدة ليترات من ماء زمزم وصلت مباشرة من الأراضي المقدسة كواجب أخير.
كتبت صحيفة الأورو الفرنسية أنها مثّلت للعرب ما مثّلته إديث بياف للفرنسيين إلا أن عدد معجبيها أضعاف عدد معجبي إديث بياف. كتب بيجل كاربيير في صحيفة الفيجارو أنه برغم أن الأوروبيين لم يفهموا الكلمات إلا أنها وصلت إلى روحهم مباشرة. صحيفة التايمز تكتب أنها من رموز الوجدان العربي الخالدة. صحيفة زيت دويتش سايتونج الألمانية كتبت أن مشاعر العرب اهتزت من المحيط إلى الخليج. الصحف العربية رددت النبأ في الصفحات الأولى بينما سيطر الوجوم على العرب، كانوا يعرفون أنهم فقدوا آخر رابط حقيقي بينهم، لقد فقدت مصر هرمها الرابع، وفقد العالم العربي كوكبه المشرق لقد ماتت أم كلثوم.