وباء إيبولا.. معركة العالم ضد الأمراض الغامضة

الإهداءات
  • غزل من من قلب الغزل ..:
    ضياءٌ شعَّ من أرض المدينة و زُفَّت البشرى لرسول الله (ص) بولادة سبطه الأول الإمام المجتبى (ع).✨💚
  • غزل من قلب الغزل:
    "يارب دائمًا اعطنّي على قد نيتي وسخر لي الأشخاص اللي يشبهون قلبي🌿✨. .
  • غزل من قلب الغزل:
    مارس الرحمة قدر المُستطاع فكلما تلطفت مع خلق الله زاد الله لطفهُ حولك.💐
  • غزل من قلب الغزل:
    اللهم إنك عفوٌ كريمٌ تحب العفو فاعفو عنا ♥️😌
وباء إيبولا.. معركة العالم ضد الأمراض الغامضة​
299.jpg
لا يزال انتشار وتفشي وباء إيبولا في العديد من الدول يمثل مصدر قلق عالمي بالغ، خصوصا وان العديد من التقارير تشير الى ان هذا المرض الخطير، قد تفشي بشكل غير مسبوق في أفريقيا و انتقل منها الى بعض الدول الاخرى، وهو ما قد يكون بداية لخطر كبير قد ويؤدي إلى كارثة عالمية يصعب السيطرة عليها كما يقول بعض الخبراء. الذين اكدوا على ان العالم اليوم يخوض معركة صعبة على جبهات مختلفة قد يطول امدها، ضد هذا الوباء القاتل الذي يحتاج تظافر الجهود الدولية والاسراع في تقديم المساعدات وجهود الاضافية من اجل احتواء هذا الوباء.
وفي سياق الإجراءات الاحترازية وكما يقول بعض المراقبين فقد اتفقت بعض الدول على تشديد الاجراءات الصحية لضمان عدم تسرب مرضى إيبولا الى اراضيها، يضاف الى ذلك ان العديد من المنظمات والمؤسسات الصحية قد باشرت بإنتاج لقاحات تجريبية واستصدرت تصريحا من منظمة الصحة العالمية بتجريبها على البشر سريعا للمساعدة في وقف انتشار المرض. وعلى الصعيد المالي فلاتزال العديد من الدول والمنظمات العالمية تعمل على جميع اموال اضافية من اجل مكافحة فيروس إيبولا في غرب إفريقيا.
اما على الصعيد العسكري فقد دخلت العديد من القوات العسكرية بجهود مباشرة في هذا المجال، حيث أجاز الرئيس الأميركي باراك أوباما الاستعانة بقوات الاحتياط في عمليات مكافحة المرض, وكانت واشنطن قد أعلنت في وقت سابق أنها تدرس نشر أربعة آلاف جندي في غرب إفريقيا. وتساعد القوات العسكرية في إقامة وتأمين أماكن الحجر الصحي ومراقبة الحدود ومنع الفوضى المصاحبة دائما لتفشي الأوبئة. وقالت هولندا إنها تستعد أيضا لإرسال سفينة حربية إلى المنطقة لتقديم المساعدة.
كما ان مخاطر انتشار الفيروس قد دفعت بعض المؤسسات طبية والمعاهد تعليمية إلى التفكير في الاعتماد على الروبوتات خاصة لإجراء فحوصات إيبولا ومعالجة المخاطر المرتبطة بتفشي الفيروس. وحظيت فكرة اعتماد الروبوتات باهتمام العديد من الحكومات ومنها الإدارة الأميركية خصوصا وان هذه الاجهزة ستقوم بالتعامل المباشر مع المريض وفحص علاماته الحيوية وتعقيم المكان.
معركة مجهولة النتائج
وفي هذا الشأن تأمل السلطات الصحية والاسرة الدولية ان تثمر التعبئة ضد ايبولا في غرب افريقيا مع تراجع عدد الجثث التي يتم انتشالها يوميا في مونروفيا عاصمة ليبيريا البلد الاكثر تأثرا بالفيروس. الا ان الامين العام للامم المتحدة بان كي مون اكد في مقر الاتحاد الافريقي في اديس ابابا انها معركة طويلة الامد، مشيرا الى ان "انتشار الفيروس ما زال اسرع من جهود الاسرة الدولية". وقال بان خلال جولة في شرق القارة مع رئيس البنك الدولي جيم يونغ كيم "نحن بحاجة ملحة لانتشار طواقم طبية اجنبية مؤهلة في المنطقة".
من جهته، اكد رئيس البنك الدولي "سنكون بحاجة لطواقم صحية من خمسة آلاف شخص على الاقل من خارج المنطقة"، يمكنهم التناوب. لكنه اعرب عن "قلقه الكبير لصعوبة تأمين هؤلاء نظرا لعامل الخوف الذي يلعب دورا في عدد كبير من الاماكن". واكدت منظمة الصحة العالمية انه من اصل خمسين مركزا لمعالجة المصابين بايبولا، ما زال نحوعشرين بحاجة الى طواقم طبية اجنبية. ورأى بان كي مون انه "بقدر ما تطول مدة الوباء، يكون هناك خطر لانتقاله الى دول اخرى"، مشيرا الى "مالي مثالا على ذلك".
وفي واشنطن، اشاد الرئيس الاميركي باراك اوباما بالتقدم الذي احرز في غرب افريقيا في مكافحة وباء ايبولا لكنه دعا الى ضرورة البقاء حذرين وان لا يقود الخوف الناس انما العلم. وقال اوباما بعد ان تواصل عبر الهاتف مع عاملين في الوكالة الاميركية للتنمية (يو اس ايد) موجودين في غرب افريقيا ان "الخبر الجيد هو ان الجهود المبذولة بدات تحدث تاثيرا"، مشيرا الى تحقيق "تقدم في ليبيريا". واضاف ان "هذا المرض بالإمكان السيطرة عليه وستتم هزيمته. لكن يجب علينا البقاء حذرين والعمل سوية"، مؤكدا استمرار واشنطن بدورها القائد في الرد العالمي بمواجهة الفيروس. وتابع ان "اميركا لا يمكن تعريفها بالخوف فنحن نهجم عندما تكون هناك مشكلة او تحديات"، داعيا الى التحرك "طبقا للوقائع".
واضافة الى فرق الوكالة الاميركية للتنمية، ينتشر نحو 600 جندي اميركي حاليا في ليبيريا ومئة آخرون في السنغال. واعلن البنتاغون ان هذا العدد قد يرتفع حتى اربعة الاف بحسب تطور الوضع الميداني. وفي باريس اعلنت الرئاسة الفرنسية ان باريس ستصرف 20 مليون يورو "كالتزام مالي فوري" لمكافحة وباء ايبولا في افريقيا وخصوصا لفتح عدة مراكز للعلاج في غينيا. ووافق الرئيس فرنسوا هولاند على "خطة شاملة لمكافحة المرض في فرنسا وغرب افريقيا"، بحسب بيان الاليزيه الذي نشر على اثر لقاء مع منسق مكافحة ايبولا في فرنسا جان فرنسوا دلفريسي. وهذه المساعدة ستسمح بتغطية نفقات "شهرين الى ثلاثة اشهر مقبلة" من الالتزام الفرنسي ضد الوباء. وترتبط هذه النفقات خصوصا بفتح مراكز علاج.
وارسلت بريطانيا الى سيراليون مستشفى عسكريا عائما تابعا للبحرية الملكية البريطانية يقل ثلاث مروحيات و350 شخصا. وفي اطار تنظيم التصدي للمرض والسعي للسيطرة على الخوف الذي يسببه احتمال انتشار المرض، عين الرئيس الاميركي باراك اوباما رون كلين منسقا لهذه لمسألة، مؤكدا انه "يتفهم خوف الاميركيين". وكلين الذي عمل مع عدة ادارات ديموقراطية من قبل سيعمل على التأكد من "تنسيق الجهود لحماية الاميركيين عبر كشف وعزل ومعالجة المصابين".
لكن الغرب يشهد حالة من الخوف من انتشار المرض على نطاق واسع وذلك على الرغم من الدعوات الى الهدوء وتعزيز اجراءات المراقبة في عدة دول.
ورفضت سلطات المرافئ المكسيكية السماح لسفينة رحلات الترفيه بالرسو في كوزوميل كما كان مقررا بسبب وجود ممرضة على متنها كانت على اتصال مع المريض الليبيري الذي توفي بالمرض في الثامن من تشرين الاول/اكتوبر. وقالت الشركة المنظمة لهذه الرحلات كارنيفال كروز لاينز ان الممرضة فرضت عزلة طوعية على نفسها في قمرتها بينما تتوجه السفينة الى تكساس بعدما رفضت بيليز السماح لها بالرسو لانزال هذه الراكبة في خطوة وقائية.
وفي فرنسا طالبت نقابات مضيفات ومضيفي الطيران في شركة ايرفرانس بوقف الرحلات الى كوناكري عاصمة غينيا التي تشهد انتشارا للمرض، معبرة عن "قلقها من انتشار المرض". واشارت الى قرار اتخذته شركات طيران اخرى بينها بريتش ايرويز والامارات، بتعليق الرحلات الى كوناكري. من جهة اخرى، اكدت شركة غلاكسو سميث ملاين البريطانية للصيدلة التي تحاول تطوير لقاح بشكل عاجل، ان هذا اللقاح التجريبي ضد المرض لن يكون جاهزا للتسويق قبل 2016 وينبغي "عدم اعتباره ردا اساسيا على الوباء". بحسب فرانس برس.
وفي سيراليون، اصبحت مكافحة الوباء تمر عبر مشاركة الناجين من ايبولا. وقد جمعتهم السلطات والامم المتحدة لمشاركة تجربتهم في كينيما المنطقة الاكثر تضررا في شرق البلاد. وتقول منظمة الصحة العالمية ان الافا من الناجين من الوباء في غرب افريقيا اصبحوا محصنين من سلالة "زائير" من فيروس ايبولا. هذه الحصانة اتاحت لليونيسف او المنظمات غير الحكومية ان تعهد لهؤلاء العناية بالاطفال الموجودين في الحجر الصحي او الذين اصبحوا يتامى بسبب الوباء وايضا انقاذ مرضى اخرين من خلال اخضاعهم لعمليات نقل دم من ناجين.
إيبولا ومواقع الضعف
من جانب اخر حدد علماء بفضل تقنية تصوير بالابعاد الثلاثية مناطق ضعف لفيروس ايبولا يمكن ان تتأثر بمركب تجريبي للاجسام المضادة يطلق عليه اسم "زي ماب" وربما ساعد في شفاء بعض المرضى، على ما اظهرت دراسة اميركية. وأوضحت ايريكا اولمان سافير عالمة الاحياء في معهد سكريبس للبحوث في كاليفورنيا (غرب) والمشاركة في اعداد الدراسة ان الصور بالابعاد الثلاثية "تحدد لنا بالضبط المكان الذي يجب استهداف الفيروس فيه باستخدام اجسام مضادة او علاجات اخرى".
وأضافت "بعدما بتنا نعرف كيف يهاجم زي ماب ايبولا، بامكاننا المقارنة ورؤية كيف تعمل مضادات فيروسية اخرى ومحاولة تطوير مركبات اكثر فعالية". ومع ان خمسة مرضى من اصل سبعة عولجوا بمركب "زي ماب" في اب/اغسطس بقوا على قيد الحياة، لم يكن العلماء متأكدين من دور هذا المركب من الاجسام المضادة في شفائهم. واوضح معدو الدراسة التي نشرت نتائجها في تقارير الاكاديمية الوطنية للعلوم ان المركب يمنع الفيروس من دخول الخلايا ويحذر النظام المناعي من وجوده في الجسم، ما يطلق تفاعلا مضادا للفيروس.
وعلى الرغم من ان فيروس ايبولا ادى الى اكثر من 300 تغيير جيني خلال فترة الوباء الحالي، بحسب دراسة نشرت في مجلة "ساينس" في اب/اغسطس، الا ان هذه الدراسة الجديدة تشير الى ان المواقع التي يعمل عليها مركب "زي ماب" لم تشهد اي تغيير. واجريت اعمال الدراسة الاخيرة في اطار شراكة بحثية بشأن العلاجات المناعية ضد ايبولا ممولة من المعاهد الاميركية للصحة التي تختبر اجساما مضادة متأتية من 25 مختبرا في العالم. بحسب فرانس برس.
كما ان الخطوة المقبلة للشراكة البحثية ستتمثل في دراسة الاجسام المضادة الجديدة التي طورها الاشخاص الذين تخطوا بنجاح اصابتهم بهذا الوباء. ومن المتوقع اطلاق تجارب سريرية مطلع 2015 استنادا الى مركب "زي ماب" الذي طورته شركة "ماب بيوفارماسوتيكال" التي تتخذ في سان دييغو (كاليفورنيا) مقرا لها.
لماذا ينجو البعض؟
على صعيد متصل يساعد تحليل لاول حالات الاصابة بالايبولا في سيراليون في رسم صورة أوضح للسبب وراء أن بعض الناس نجوا من المرض بينما لم يتمكن آخرون من ذلك. ومن بين أسباب ذلك السن وسرعة تكاثر الفيروس داخل أجسامهم. وتستند الدراسة الى بيانات تم جمعها من 106 مرضى تم تشخيص حالاتهم على انهم مصابون بالمرض في مستشفى كينيما الحكومي في سيراليون في الفترة من 25 مايو أيار الى 18 يوليو تموز. وبعض البيانات في هذه المجموعة تم احراقها خوفا من أن تكون حجرة الممرضات حيث تم الاحتفاظ بالسجلات أصبحت ملوثة.
لكن الفريق تمكن من تحليل تفاصيل السجلات الاكلينيكية من 44 مريضا في المجمل وهو اكبر عدد حتى الان من الذين اصيبوا في الوباء في غرب افريقيا. وقال الدكتور جون شيفلين من جامعة تولين في نيو اورليانز وهو مؤلف الدراسة التي نشرت في نيو انجلند جورنال اوف مدسين "هذه هي المرة الاولى التي يتوفر فيها لدى أي شخص هذا القدر من البيانات التي تم جمعها من مرضى بالايبولا." وقال ان النتائج تساعد على تأكيد بعض الملاحظات التي شاهدها اطباء يعالجون مرضى الايبولا.
وتبين النتائج على سبيل المثال ان 57 في المئة من الناس تحت سن 21 عاما الذين تلقوا علاجا من الايبولا توفوا من اصابتهم مقابل 94 في المئة من المصابين الذين تزيد اعمارهم عن 45 عاما. وفي الحالات التي تمت دراستها استغرقت فترة حضانة الفيروس بين ستة أيام و12 يوما قبل أن تظهر على المرضى أعراض الايبولا و74 في المئة من المرضى الذين شملتهم الدراسة توفوا وهو يشبه ما شوهد في موجات التفشي السابقة.
والحمى من أكثر الأعراض شيوعا فتحدث في 89 في المئة من الحالات وبعدها الصداع الذي تبلغ نسبة الإصابة به 80 في المئة وبعده الهزال (66 في المئة) والدوار (60 في المئة) والإسهال (51 في المئة) والمغص (40 في المئة) والقيء (34 في المئة). ولكن شيفلين أضاف أنه كانت هناك فروق كبيرة في كيفية استجابة المرضى للفيروس. وقال "كان هناك أشخاص حالتهم خفيفة للغاية وكانت هناك حالات شديدة جدا. وتتدهور حالتهم بسرعة."
ومن بين المفاجآت وجود فرق كبير في كمية الفيروسات الموجودة في المرضى حينما يحضرون للعلاج. وهو عامل يؤثر في احتمالات نجاتهم. وعلى سبيل المثال توفي 33 في المئة من المرضى الذين تقل أعداد نسخ الفيروس عن مئة ألف لكل مليلتر من دمهم عند تشخيص الحالة. بينما توفي 94 في المئة من الذين زاد عدد نسخ الفيروس عندهم عن عشرة ملايين لكل مليلتر من الدم. بحسب رويترز.
ومن بين الأعراض المتنوعة لهذا المرض قال شيلفين إن الإسهال "مظهر كبير بحق للمرض" مشيرا إلى أن الأطباء الذين يعالجون مرضى الإيبولا يتعين عليهم أن يسعوا بقوة للتحكم في سوائل الأوردة. وشكك بعض الباحثين في جدوى إنفاق الموارد على دراسة الإيبولا خلال تفشي المرض عوضا عن استخدامها في الحد من الوباء بصورة مباشرة. وقال شيفلين إن التحليل يقدم رؤى مهمة للموظفين الصحيين الذين يكافحون التفشي الحالي بما في ذلك البيانات التي يمكن أن تستخدم في تحديد العلاجات الجديدة وطرق التشخيص.
دول أفريقية متضامنة
في السياق ذاته يحقق الاقتصاد الأفريقي قفزات إلى الأمام رغم وباء الإيبولا الذي ينهش القطاع الغربي منه وسط آراء تقول إن القارة مقصرة حيال التضامن مع الدول الثلاث الفقيرة التي أثقلت كاهلها الحروب ومنيت بأسوأ موجة تفش للوباء الفتاك. وفي الوقت الذي توظف فيه الدول غير الأفريقية من الولايات المتحدة إلى الصين مواردها وطواقمها الطبية في إطار حملة بقيادة الأمم المتحدة لمساعدة سيراليون غير أن الدول والمؤسسات الأفريقية التي تنمو بسرعة تواجه تساؤلات بشأن مستوى وسرعة مساهماتها.
وقال جيل يابي وهو محلل مستقل في داكار "من الواضح للغاية إن الحكومات الأفريقية لا تقوم بما فيه الكفاية إذا ما نظرنا للموارد التي تمتلكها بعض البلدان." وأرهق تفشي الإيبولا الحكومات والقطاعات الصحية في ليبيريا وسيراليون وغينيا وهي الدول التي لا تزال هياكلها هشة جراء حروبها الأهلية في التسعينيات. وعبرت حكومات الدول الثلاث التي تشهد أسوأ موجة تفش للوباء عن ألمها من مبادرة بعض جاراتها الأفريقية إلى اغلاق حدودها وحظر الرحلات الجوية القادمة منها في موقف قالوا إنه أجج مشاعر التمييز السائدة بشكل واسع في القارة ضد الدول الموبوءة جراء خوف غير منطقي.
وقال وزير الإعلام في ليبيريا لويس براون "إذا أرادت قارتنا مواجهة هذا التحدي يجب أن نفعل هذا معا." وهناك شعور واسع بأن المجتمع الدولي وخصوصا منظمة الصحة العالمية تقاعست بشكل كبير في مواجهة تفشي الوباء في غرب أفريقيا وهو الأسوأ في تاريخ الحمى النزفية حتى الآن. لكن في الوقت الذي يتوقع فيه صندوق النقد الدولي تزايد النمو في البلدان الواقعة جنوب الصحراء الكبرى في العام المقبل بنسبة 5.75 في المئة تسود خيبة أمل من بطء استجابة الاتحاد الافريقي -الذي يضم 54 دولة- وعدم امساكه بزمام المبادرة في جهود اغاثة البلدان الموبوءة.
وغالبا ما يتهم الاتحاد الأفريقي بأنه يفسح المجال للجهود الدولية لحل حالات الطوارئ في أفريقيا سواء كانت انقلابات أو حروب أو كوارث طبيعية أو حالات طوارئ صحية مثل الإيبولا. وقال الأوغندي تشارلز اونيانجو أوبو وهو كاتب ورئيس تحرير صحيفة ميل آند جارديان أفريكا الالكترونية "من المحرج حقا أن ترسل كوبا أطباء وممرضات لمكافحة الإيبولا يفوق عددهم مجمل ما قدمته كل الدول الافريقية."
ونشر الاتحاد الأفريقي بعثة مؤلفة من 100 عسكري وأفراد طواقم طبية في الدول الثلاث الموبوءة بالإيبولا ويأمل أن يرتفع عدد عناصر هذه البعثة بتعزيزات من نيجيريا وجمهورية الكونجو الديمقراطية ودول أفريقيا الشرقية في الوقت الذي تخطط فيه كل من كوبا لإرسال نحو 400 طبيب وممرضة إلى هذه البلدان والولايات المتحدة لارسال قوة عسكرية من ثلاثة آلاف جندي.
وقال رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي نكوسازانا دلاميني زوما خلال زيارة إلى مونروفيا "كاتحاد افريقي نحن نحاول استنفار الدول الاعضاء. بعثنا رسائل إلى رؤساء الدول لطلب المزيد من الموارد البشرية." لكن في الوقت الذي سارعت فيه نيجيريا إلى وقف انتشار الإيبولا على أراضيها عقد الاتحاد الأفريقي أول مؤتمر طارئ لبحث مكافحة الوباء في أوائل سبتمبر أيلول الماضي أي بعد شهر على اعلان منظمة الصحة العالمية حالة طوارئ عامة دولية.
وقال دلاميني زوما "اعتقد أن جميعنا (كمسؤولين) وكل الدول أخذنا على حين غرة واتخذت بعض الدول في عدد من الحالات اجراءات غير سليمة في محاولة لحماية نفسها (من الوباء)." وأشار إلى أن الاتحاد الأفريقي يحاول الضغط على الخطوط الجوية الأفريقية لاعادة تسيير رحلاتها إلى الدول الموبوءة كما يقوم بحملة لاقناع الشركات المحلية والمدراء التنفيذيين والفنانين ولاعبي كرة القدم للمساهمة في مكافحة الإيبولا.
وقال دبلوماسي من دول غرب أفريقيا في الإتحاد الأفريقي إن هذه المنظمة تركز أكثر على جانب الأمن. وأضاف في أديس أبابا "النزاعات والإرهاب والحالات المماثلة تحتل جل اهتمام (الاتحاد الأفريقي) خلال هذه الفترة وما تظهره الظروف اليوم هو الافتقار الخطير إلى الخبرة في أي مجال آخر (غير الأمن) مثل الصحة. "
غير أن مسؤولي الاتحاد الأفريقي رفضوا الاتهامات الموجهة لهم وأشاروا إلى أن التغطية الإعلامية الدولية للوباء كانت غير متوازنة وركزت على مبادرات الدول الغربية وعلى أعداد المصابين مقللة في المقابل من شأن المبادرات الأفريقية. وقال أولاوالي مايجون مدير دائرة الشؤون الاجتماعية في مفوضية الاتحاد الأفريقي "نحن نفضل أن نتصرف وعلى نحو حاسم عوضا عن الكلام."
وقال مايجون إن الاتحاد الأفريقي ودوله -كل على حدة- قدموا أكثر من ستة ملايين دولار لمكافحة الايبولا بينها مليون دولار من صندوق الطوارئ الخاص للمجاعة والجفاف خصصت لشراء الأغذية والأدوية في الدول الموبوءة كما قدمت نيجيريا -صاحبة أكبر اقتصاد في إفريقيا- 3.5 مليون دولار وكينيا مليون دولار.
في المقابل فاقت التعهدات الدولية لمكافحة الوباء 690 مليون دولار قدمتها 35 دولة بينها الولايات المتحدة كما خصصت ملايين الدولارات للمساعدات العينية وتمويل الطواقم الطبية. بدوره تعهد البنك الدولي بتقديم 400 مليون دولار وصندوق النقد الدولي بتقديم 130 مليونا في صورة قروض معفاة من الفوائد. وقدم بنك التنمية الأفريقي الذي تموله الدول المانحة والدائنة 150 مليون دولار. غير أن الأمم المتحدة قالت إن مبلغ المليار دولار الذي تحتاجه لمكافحة الإيبولا لم يتحقق بعد.
واشار يابي إلى ان حالات الطوارئ الصحية مثل وباء الإيبولا فضلا عن الحروب والنزاعات المتكررة أظهرت ضعفا أساسيا متأصلا في الطفرة الاقتصادية الأفريقية وهو تحدي بناء دول ذات أداء قوي وفعال. في حين قال دلاميني زوما إن حالة الطوارئ التي تسبب بها وباء الإيبولا أظهرت أن الأولوية يجب أن تعطى للاستثمار في التعليم والقطاعات الصحية. واضاف "نحتاج إلى رأس مال بشري ورأس مال نقدي." بحسب رويترز.
من جهته عبر الكاتب الاوغندي أونيانجو أوبو عن أسفه لأن أفريقيا كان تفتقر دوما إلى الارادة السياسية لتخصيص الموارد لهذه المجالات. وقال "بشكل عام يشعر المرء بوجود نوع من ’ثقافة الابتزاز’ في القارة الأفريقية والإيقاع بالمجتمع الدولي ومؤسسات خيرية مثل مؤسسة بيل ومليندا جيتس لتمويل قطاعات مثل الصحة. لا أحد من هؤلاء يريد أن يرى أطفالا وأمهات يموتون." وأضاف أنه في غضون ذلك يستخدم بعض القادة والحكومات موارد دولهم لشراء المقاتلات أو الطائرات الرئاسية
 

أقسام الرافدين

عودة
أعلى أسفل