الزلازل
ظلَّ المفهوم العلمي للزلزال وكيفية حدوثه وأسبابه أمراً غامضاً حتى بدايات القرن العشرين،
وذلك لحين ظهور ما يُعرف بعلم الزلازل (بالإنجليزية: seismology) الذي استطاع تقديم إجابات
لكل الأسئلة المُبهمة التي تتعلق بهذه الظاهرة، ويُعرف الزلزال (بالإنجليزية: Earthquake)
بأنه عبارة عن حدوث أي اهتزاز مفاجئ للأرض بسبب مرور موجات زالزالية عبر الصفائح
الصخرية الموجودة تحت سطح الأرض عند تحركها، حيث ينتج عن هذه الحركة كمية كبيرة من
الطاقة تتسبب بإنتاج تلك الموجات المُدمرة، وشَهِد كوكب الأرض العديد من الزلازل التي
حدثت عبر مر التاريخ وفي أنحاء متنوعة منها، فيرى خبراء الجيولوجيا بأنه لا يوجد مكان على
سطح الأرض غير مُعرض لخطر حدوث الزلازل، ولكن هذه الأخطار تتفاوت بشدّتها، إذ تحدث
الآلاف من الزلازل كل يوم، ولكن بعضاً منها يكون تأثيره بسيطاً جداً في حين قد يكون
بعضها الآخر مُدمراً وذو قوة هائلة قد تؤدي إلى مقتل الأشخاص، وتدمير الممتلكات والبُنى
التحتية، وتشير الإحصائيات إلى أن الزلازل أدّت إلى مصرع ما يزيد عن مليون شخص في
القرن العشرين لوحده.
كيفية حدوث الزلازل
تُشكل الزلازل خطراً كبيراً وداهماً على البشرية إلا أنها تُعد إحدى الظواهر الطبيعية
الجيولوجية الأساسية، إذ أنها طريقة لتخفيف ما يُعرف بالإجهاد عبر سطح الأرض، ويحدث
الزلزال نتيجة لتحرُك ما يُعرف بالصفائح التكتونية (بالإنجليزية: Tectonic plates) المُكونة
للقشرة الأرضية، وينتج عن هذه الحركة كمية من الطاقة المُفاجئة التي ينشأ عنها حدوث
موجات زلزالية تتسبب باهتزاز سطح الكرة الأرضية، فعند اصطدام لوحين من الصفائح
التكتونية ببعضهما البعض فإن نوعاً من التصادُم والدفع المُعاكس يحدث فيما بينهما فيما
تبقى الصفائح نفسها ثابتة بدون حركة، ونتيجة للضغط المُتولد من هذا الدفع فإن جزءاً من
الصخور المُكونة لهذه الصفائح يبدأ بالانهيار لينتج عنه ما يُعرف بالزلزال، وتبدأ الصفائح
التكتونية بالحركة أثناء حدوث الزلزال وبعده، ويُعرف ذلك الجزء الموجود تحت الأرض والذي
حدث عنده انهيار الصخور بمركز الزلزال (بالإنجليزية: Focus of the earthquake)، فيما يُطلق
على المنطقة المقابلة لها فوق سطح الأرض ببؤرة الزلزال
(بالإنجليزية: Epicenter of the earthquake).
ولا تُعتبر الانهيارات الصخرية التي تحدث نتيجة لاصطدام الصفائح التكتونية ببعضها البعض
السبب الوحيد لحدوث الزلازل، حيث أن مثل هذه الانهيارات قد يحدث بفعل البشر أثناء إنشاء
بعض الأعمال كحفر الأنفاق الخاصة بالطرق أو السكك الحديدية أو حتى نتيجة لتفجير الألغام
أثناء القيام بمثل هذه الأعمال، وقد تحدث هذه الانهيارات الصخرية نتيجة لانهيار المناجم
المحفورة في باطن الأرض، وعلى الرغم من أن مثل هذه الأنشطة البشرية قد ينتج عنها
موجات زلزالية غير محسوسة إلا أن بعض الأنشطة الأخرى قد تكون ذات أثر كبير وهائل
مُشابه لتلك الزلازل الطبيعية الكبيرة، مثل إجراء الاختبارات العسكرية للبعض الأسلحة النووية
كالقنابل في باطن الأرض، وقد تم حظر إجراء مثل تلك التجارب نتيجة لأخطارها الجسيمة
التي لا بدّ وأن ينتج عنها حدوث موجات زلزالية كبيرة.
أنواع وخصائص الأمواج الزلزالية
تُعتبر الموجات الزلزالية موجات تقوم بنقل الطاقة من مكان إلى آخر شأنها في ذلك شأن
جميع أنواع الموجات الأخرى، وتتفاوت أنواع الموجات الزلزالية في أنواعها وخصائصها، فبعض
منها يُعرف بموجات أولية (بالإنجليزية: primary) تمتاز بسرعة وصولها ويُشار لها بالاختصار
(P)، فيما يُعرف بعضها الآخر بموجات ثانوية (بالإنجليزية: Secondary) يُشار لها بالاختصار (S)
وهي موجات بطيئة، وقد يتم الجمع بين هذين النوعين من الموجات لينتج عنهما ما يُعرف
بالموجات السطحية التي يكون لها أثر كبير في إحداث الأضرار التي تنتج عن الزلازل كهدم
المباني،[٥] ويوضح الجدول الآتي أنواع الموجات الزلزالية وخصائص كل منها:
نوع الموجة سرعتها خصائصها
• 5-7 كم /الثانية •موجات سريعة لذا فإنها أول أنواع
عبر قشرة الأرض. الموجات التي يتم رصدها عبر أجهزة
• 1.5 كم /الثانية عبر الماء. رصد الزلازل
• 0.3 كم /الثانية عبر الهواء. •تنتقل بشكل أسرع عبر المواد، ولها
القدرة على التنقل في الأوساط
الموجات الأولية P الصلبة السائلة والغازية
(بالإنجليزية: Primary) •تكون الموجات الأولية أصغر من
أو الموجات الطولية الموجات السطحية، وذات ترددات أعلى
من الموجات السطحية.
•تصل إلى سطح الأرض بشكل عمودي،
حيث تنتقل على شكل تضاغطي.
•تُعرف أيضاً باسم موجات الضغط
(بالإنجليزيةressure).
• 4-3 كم /الثانية عبر •تنتقل بشكل أبطأ من الموجات
قشرة الأرض. الأولية لذا فإنها تصل بعدها.
• أقل من 4.5 كم/الثانية •لا تمتلك إمكانية التنقل عبر الأوساط
في غلاف الأرض. السائلة، لذا فإنها لا تتواجد في اللب
• 3-2.5 كم /الثانية عبر الخارجي للأرض حيث يكون معدن الحديد
النواة الداخلية للأرض. بحالته السائلة وحيث تكون الصخور
الموجات الثانوية S مُنصهرة.
(بالإنجليزية: Shear) •تنتقل بحركات عرضية مُترددة ومُتناوبة.
أو المستعرضة
4.5-2 كم /الثانية •تُعتبر نوعاً من أنواع الموجات السطحية.
عبر الأرض، وذلك •تعتمد سرعة الموجة وعمقها على
موجات لوف تبعاً لتردد انتشار ترددها، لذا فإنها موجات مُشتتة.
(بالإنجليزية: Love) الموجات. •تنتقل بشكل موازٍ لسطح الأرض،
وحركتها أفقية مستعرضة.
•تُعرف أيضاً باسم الموجات الطويلة
(بالإنجليزية: Long waves).
موجات رايلي
(بالإنجليزية: Rayleigh) 4.5-2 كم/ثانية •تُعتبر نوعاً آخر من أنواع الموجات
السطحية.
•تتوزع هذه الموجات بشكل إهليلجي.
•تقل سعتها مع ازدياد عمق الأرض.
•تنتقل بشكل أبطأ من موجات لوف.
•يعتمد عمقها على ترددها.
مقاييس قوة الزلازل
يتم قياس الاهتزازات الناتجة عن الزلازل من خلال ما يُعرف بمرسمة الزلازل أو السيزموجراف
(بالإنجليزية: Seismogram)، حيث يسجل هذا الجهاز رسماً بيانياً ناتج عن الاهتزازات التي
تتسبب بها الموجات الزلزالية المنتقلة عبر الأرض،[٧] ويوجد العديد من المقاييس التي يُمكن
من خلالها قياس قوة الزلازل، وهي كالآتي:
•مقياس ريختر: يعتمد مقياس ريختر (بالإنجليزية: Richter magnitude) نظاماً رقمياً قائماً على
الأساس اللوغاريتمي، فزيادة قدرها درجة واحدة على مقياس ريختر تُشير إلى زيادة مقدارها
عشرة أضعاف في السعة الأمواج الناتجة عن الدرجة التي قبلها، فحدوث زلزال شدته خمسة
درجات على مقياس ريختر يعني نشوء قوة زلزالية أكبر بعشرة مرات من الزلزال الذي تبلغ
قوته أربعة درجات على نفس المقياس، ويعمل مقياس ريختر على مبدأ قياس سعة الأمواج
الزلزالية التي تنتج عن حركة الأرض بالإضافة إلى استخدام المعلومات التي يُعطيها جهاز
السيزموغراف.
•مقياس درجة العزم: يعتمد مقياس درجة العزم (بالإنجليزية: Moment magnitude) على قياس
قوة الزلزال من حيث كمية الطاقة التي صدرت منه، وكما هو الحال في مقياس ريختر فإن
مقياس درجة العزم يستند على نظام رقمي لوغاريتمي يزيد 32 ضعف من كمية الطاقة
المُنبعثة عند كل درجة عن سابقتها.
•مقياس ميركالي: يتم استخدام مقياس ميركالي (بالإنجليزية: Mercalli intensity scale)
لدراسة شدة ما تحدثه الزلازل من تأثيرات التي قد تحدث مُستقبلاً، وبالاعتماد على للعديد
من الأمور المختلفة كالطبيعة الجيولوجية للمناطق، وطريقة تصميم المباني الموجودة فيها،
والزالزل السابقة التي حدثت في المنطقة ومقدار الأضرار التي تسببت بها.
وتختلف الأضرار التي تنتج عن الزلازل تبعاً لاختلاف قوتها على مقياس الزلازل، وكالآتي:
•أقل من 2.5 درجة: يكون الزلزال الذي تبلغ قوته 2.5 درجة أو أقل عديم التأثير وغير محسوس
من قِبل البشر، ولكن قد يتم رصده بواسطة جهاز قياس الزلازل، ويحدث هذا النوع من
الزلازل بشكل كبير عبر الأرض، حيث يحدث ما يُقارب 900 ألف زلزال سنوياً تكون قوته أقل من
2.5 درجة.
•2.5 إلى 5.4 درجات: يؤدي حدوث زالزل تقع قوته ضمن هذا النطاق من الدرجات إلى
الإحساس به في الكثير من الأحيان، لكنها لا يتسبب سوى بأضرار بسيطة، ويبلغ عدد الزلالزل
التي تكون قوتها محصورة ضمن هذا النطاق 30 ألف زلزال في العام الواحد.
•5.5 إلى 6 درجات: يحدث ما يُقارب 500 زلزال تبلغ قوته ما بين 5.5 إلى 6 درجات كل عام، لكن
هذه الزالزل تُلحق أضراراً غير كبيرة بالمباني والمنشآت.
•6.1 إلى 6.9 درجات: يتسبب ما يُقارب 100 زلزال تكون قوتها ما بين 6.1 إلى 6.9 درجات تحدث
بشكل سنوي بالعديد من الأضرار بالمناطق التي تشهد ازدحاماً سكانياً.
•7 إلى 7.9 درجات: يتسبب الزلزال بأضرار جسيمة وبالغة إذا كانت شدته على المقياس
محصورة بين 7 إلى 7.9 درجات، ويحدث حوالي عشرين زلزال كل عام تكون قوتها واقعة ضمن
هذا النطاق من الدرجات.
•أكثر من 8 درجات: يحدث هذا النوع من الزلازل مرة واحدة في العقد أو نصف العقد من
الزمان، حيث يتسبب حدوثه بدمار شامل لكل المناطق القريبة من مركزه.